ب4م


لا أستطيع في البداية أن أتجاهل وفاة الدكتور المسيري وأن أقدم التعزية إلى كل حر يهمه أمر هذا الوطن .. رحمه الله كان رمزا في زمن عز فيه الرموز حتى بتنا نبحث في نفايات الأفراد عمن يمكن أن نسميه رمزا .. يارب سلم .. ترك الرجل تراثا عظيما ، خاسر من لم يحاول الاستفادة منه .. رحمك الله يادكتور وطيب سراك وأفاض عليك من نعمائه يارب

ب4م
هذا هو العدد الأخير من سلسلة فانتازيا للكاتب العبقري أحمد خالد توفيق ، ـ من قرأ التدوينة الماضية يعلم ذلك طبعا ومن لم يقرأها أيضا يعلم فالأمر ليس بذلك الغموض إلا أني أفترض وجود من لا يعلم ـ المهم
لمن لا يعرف فبطلة هذه السلسلة ـ ككل أبطال أحمد خالد توفيق ـ لا تمتلك من المأهلات ما يجعلها بطلة على الإطلاق بل ولا حتى مميزة في عالم الواقع وهذا سر تفرده ، لا تمتلك عبير سوى خيال خصب ونفس شفافة بريئة وهواية قراءة لا يسعها روايات الدنيا ، ومن ثم تمضى السلسلة في عالم افتراضي هو خيال السيدة عبير هذا العالم هو فانتازيا حيث يصبح كل المستحيل ممكنا بالنسبة لعبير طبعا ، ويمكن لعبير أن تلعب كل الأدوار في أي من الروايات وفي كل الأزمنة فتارة تراها تحارب تينينا صينيا أو تنقذ موسوليني بأمر هتلر أو تلعب دور هندية أو أو أو الخيارات حقا كثيرة وصلت حتى الآن 52 خيارا هم عدد روايات السلسلة ، طبعا عبير لا تقرأ كثيرا صحف المعارضة ولا حتى روايات الممانعة حتى لا يجد الكاتب نفسه يوما خلف القضبان ، ظننت هذا واضحا ... لكني لا أظن أن مثل عقل الكاتب قد يقنع بحرص عبير لذا فإنه من الممكن أن ترى الكثير والكثير من سلبيات واقعنا على كل المتنويات بين سطور مجموعاته وفي خضم أحداث رواياته فقط كن ذكيا وافهم


العدد الأخير ب4م
العنوان لا يوحي بشيء إلا برغبة عارمة في شراء تلك الرواية ولو كلفك ذلك ثلاث جنيهات كاملة ثمنا لمئة وخمسين ورقة من القطع الأصغر مطبوعة على ورق صحف ـ جرايد ـ لكن من يملك الإعتراض أمام المؤسسة العربية الحديثة
في البداية تقرأ طبعا النبذة المكتوبة في الغلاف بجوار الصورة التي لا تشيب للدكتور أحمد خالد توفيق فتستشف بقليل من فقاقة أن الموضوع يتحدث عن لعبة شطرنج
إذن أين العبقرية ؟؟
اممم لا أدري .. لكن لنكمل تلك النبذة
القصة باختصار أن عبير تلعب دور خبيرة شطرنج تدعى لتلعب لعبة شطرنج بأشخاص حقيقين ـ فريق للشباب وآخر للفتيات ـ يلعب كل شاب وفتاة دور احدى قطع الشطرنج المعروفة .
هدف اللعبة كما يدعي منظمها ـ وهو أمريكي ـ دراسة إلى أي مدى تستطيع السلطة أن تؤثر في الناس ؟!! ـ ركز جيدا
المهم تبدأ اللعبة وتتحرك القطع ـ الأفراد ـ بناء على رغبات اللاعبين ويتم قتل القطع الخاسرة بناء على سير اللعب ، تم افهام عبير واللاعبين أن هذا القتصل صوري مخدر وأنه لن يموت أحد في الحقيقة


تتطور اللعبة من مجرد لعبة جافة إلى علاقات بين القطع المتواجهة التى لا تملك من أمر نفسها شيئا ، علاقات تكشف أصلها الانساني وكذلك عمقها ، إلى هنا والأمر لا يتعدى مجموعة هائلة من المعلومات عن لعبة الشطرنج وتاريخها ـ أمر ليس غريبا على الكاتب ـ لكن لن تسير الأمور على ذلك طبعا فلن تكون الرواية هكذا أكثر من كتاب " هل تعلم ؟ " يكتشف اللعبون أن القتل حقيقي وأن القطع التي خرجت قد قتلت فعلا لا تمثيلا ولا تخديرا ويبدأوا في ثورة يوقفها مشهد تفجير إحدى اللاعبات أمام أعينهم من قنبلة مزروعة في قدم كل منهم ، وهنا يبدأ التحدي فالأوامر القادمة لن تعني لعبة بل تعني إنهاء حياة ـ بكل ما يحمله الأمر من تبعات ـ ويبدأ الصراع الأبدي بين الخوف من الطاغية والخوف على الانسانية والرغبة في التحرر " في الحقيقة برع الكاتب جدا في تصوير الأمر " وتبدأ محاولة انقلاب يقودها أعد البيادق " قطعة العسكري لمن لم يلاحظ " من فريق الرجال قتلت حبيبته في فريق القتيات وتنجح فكرته في تحرير باقي اللاعبين الذين يقتلون منظم اللعبة واللاعب بفريق الرجال بينما تكتشف عبير الخدعة وإنها كانت ضحية وتستطيع الفرار وتنتهي القصة ؟؟
نعم هكذا انتهت بهذه السرعة وإن كنت أظن حتى الآن إنه ـ الكاتب ـ كان عليه أن يطيل في سبل النهاية لكنه أنهاها .. أمممم
على كل حال القصة ممتعة لكن لم أحكي عن خيالاتي فاتظروا


تخيلت اللاعبون نحن ـ شعب مصر العظيم الذي لا يملك من أمره شيئا ـ أينما يوجه يسير نفعل كل شيئ إلى أقصى حد لدينا قدرة كبيرة على التكيف مع القهر إلى أقصى الحدود


طبعا لست بحاجة لأن أتخيل المنظم واللاعب حكومتنا ورئيسنا فالأمر واضح لكن لا تنس أن الرجل تابع للبحرية الأمريكية .. هذا لن يصنع فرقا .. فمن أين تأتي القرارات إذن ؟؟ ـ


عبير ؟؟ حسنا تعبت لم أتخيلها في البداية لكن دور المعارضة لائق جدا عليها فهي جزء من الجريمة لكن بنوايا طيبة ـ إخوان يعني ـ يا لعبقريتك يادكتور


ثار اللاعبون ونجحوا في ثورتهم لكن كيف ؟؟
هنا نقف أمام جملة ربما هي الأكثر روعة في الرواية تصف عملة تحرك الشباب لإبطال أجهزة الاتصال داخل اللعبة تقول

ـ" كانو يعتمدون على نعمة ألا يكون المرأ مهما .. إنهم بيادق .. لا أحد ينظر لهم في هذه اللحظة بالذات لأن الجميع يتابع الملوك والوزراء في منتصف الرقعة .." ـ

إذن من هنا سيأتي الخلاص أو من هنا ستشتعل الثورة .. حل يبدوا غاية المنطقية لكن ماذا تفعل إذا كان البيادق لا تعنيهم أن يكونوا أحياء أصلا ؟؟ للأسف هذا نحن ربما كنت متفائلا سيدي أو ربما هو حكم الرواية حتى لا يكتئب القارئ وتؤدي وظيفتها كتسلية .. أقول ربما


الرواية جميلة للغاية كعادته وممتعة ومليئة بالمعلومات عن لعبة الشطرنج كما ذكرت حتى إنني مازلت أعاني من هوس مفاجئ أصاب إخوتي بالشطرنج بعد قرائتها .. ألم أقل لكم أنها فعلا رائعة

عودة ويوتوبيا


عاد الانترنت أخيرا ... لك الحمد يا الله .. نعم عاد لكني أشعر في الفترة الأخيرة بما يمكن أن أسميه فوضى عامة أصابت حياتي هي ليست فوضى بالمعنى الحرفي لكن إن شئت أن تتخيل ــ فهي كما حجرة طالب ثانوية عامة لا يكف عن إيهام نفسه وأهله بأنه غارق حتى أذنيه في المذاكرة لذا ليس عنده ما يكفي من وقت لترتيب حجرته ، في كل ركن كتاب وقلم ودفاتر وجوارب وملابس وهكذا تجدها كل يوم !! ــ حسنا تشبيه عقيم لن يضيرك شيء إن لم تتخيل
المهم
هذه الفوضى انسحبت ربما على علاقاتي بكل شيء فهي بين صعود وهبوط حادين لدرجة مخيفة ـ ربي ، عملى ، أصحابي ، أحبابي ، أهلي ، كل شيء حتى كتبي والشوراع المحيطة بسكني ـ لا تسألني كيف أرجوك ـ
يالتأكيد ستنسحب هذه الفوضى على تدويناتي كذلك فليست كبيرة على الفوضى
لكني أدعو الله ـ الذي مازال يغدق علي بفضله مع استمرار نكراني لكنه فضل الفضيل ذو الجلال والإكرام ، حتى بت أستحي أن أطلب منه المزيد مع زيادة غفلتي غير أن نفسي الطامعة تلح للطلب وإذا بالكريم يجيب .. تباركت ربي ما أكرمك وأحلمك وأحنك علي !! ـ أدعوه ربي أن يعينني على إنهاء تلك الفوضى وإعادة النظام إلى حياتي لتستقيم كما أحب في الأيام القليلة القادة .. اللهم آمين
عموما
كانت الفترة الماضية مليئة بالأحداث على المستوى الشخصي والعام حتى تزاحمت التدوينات لدي لا أعلم فيم أكتب وبم أبدا
لكن صدور العدد الجديد من سلاسل المبدع أحمد خالد توفيق أعادني مرغما إلى ما كنت أريد الكتابة عنه بعد قرائتي لروايته يوتوبيا ، كما أحب الزيادة والحديث عن آخر أعداد سلسلة فانتازيا والصادرة منذ أيام ـ ب 4 م ـ
لا أعتقد أن هناك من لا ياعرف د. أحمد خالد توفيق فالرجل بفضل الله وبلا حسد لديه ما يكفيه من الشهرة لكني أحب أن أقدمه كما أريد أو كما يعني لي
أحمد خالد توفيق أستاذ الطب أحد أكثر كتاب الرويات الصغير شهرة في العالم العربي وله أقوى وأروع ثلاث مجموعات عرفها القارئ العربي ـ ما وراء الطبيعة ، فانتازيا ، سافاري ، وأخيرا دبليو دبليو دبليو " أعذروني عن عدم استخدام الحرف اللاتيني للحفاظ على التنسيق " ـ
ما يميز ذلك العملاق عندي سخريته السوداء وواقعيته الشديدة ولا يمكن أن أنسى عمق أفكاره ودلالاته في معظم ما يكتب هذا بالإضافة إلى كمية غير محدودة من المعلومات العامة في كل الاتجاهات وإن كان للطب نصيب الأسد فيها مثلا ـ هل كنت تعلم أنه يجب عليك حين تدعي المرض أن لا تخطأ خطأ طبيا ساذجا وتقول أنك تشعر بألم في جانبك الأيمن وجانب رأسك الأيمن لأن هناك معلومة طبية بسيطة تقول أنهما لا يتفقان بل اجعله الأيسر ـ حسنا إن كنت تعلم ذلك فأنا لم أكن أعلم
يتميز د. أحمد أيضا بلغته البليغة السهلة وأفكاره القوية وسعة اطلاع تبدو معجزة احيانا ولعل كل متابع لكتاباته في جريدة الدستور يشعر بذلك
لن أطيل في المديح أكثر لأني أدري يقينا أنه لا يحتاجه من ناحية وأني فاشل فيه من ناحية أخرى
عموما لنعد إلى روايته يوتوبيا
لمن لا يعلم " يوتوبيا " هي اسم المدينة الفاضلة لأفلاطون كما أنها اسم أحد المنتجعات السكنية العالية التكلفة في مدينة 6 أكتوبر ـ لاحظ في البداية عبقرية اختيار الاسم -
الرواية هي أول رواية طويلة أقرأها للدكتور المبدع وحين أحاول تصنيفها أسميها من نوعية الرعب الاجتماعي لكنه واقعي إلى درجة التنبؤ والإنذار
من الصعب طبعا أن تحكي رواية وخصوصا لو كانت لكاتب مثل د. أحمد إذ أن متعة قرائتها لن يجاريها متعة ، لكن كفكرة مختصرة ـ وبالتأكيد ناقصة وجائرة ـ فالرواية تتحدث عن أن سكان مصر قد انقسموا إلى قسمين أو شعبين فهناك سكان مدينة يوتوبيا التي تحيطها الأسوار ويحميها المارينز ويتعايش فيها المصريون مع الاسرايليين بمنتهى الحب والاخاء والاريحية وتحوي كل وسائل الراحة والمتعة إلى الحد الذي يصيب شبابها بالملل فكل شيء متاح بمجرد الطلب ، وعلى النقيض في القسم الثاني شعب مطحون فقير وتآكل أو إن شئت الدقة هو بقايا يمكن أن تطلق عليها بصعوبة شعب فقير لن أطيل في وصفه فالوصف شنيع .
المهم يعمل الشعب كخدم وعمال لدى سكان يوتوبيا هذا للمحظوظين فقط الذين وجدوا للحظ سبيلا ، طبعا لست بحاجة إلى أن أقول أن ذلك الشعب الذي يسميه سكان يوتوبيا بالأغيار مستباح إلى أقصى حد عرضه وماله إن وجد ودمه كله مستباح
تدور القصة حول شاب وفتاة من سكان يوتوبيا يقرران بدافع المغامرة الخروج لصيد أحد الأغيار والحصول منه على تذكار " يده ، رجله ، أي تذكار يثبت قوتهما " ويكتشف أمرهما أو يكاد وتدور الأحداث مظهرة تباين الطباع بين أهالي يوتوبيا والأغيار تلك الطباع التي تجدها الآن كما هي موجودة لدينا ننميها كمصريين
في النهاية يستطيع الشابين الفرار بمساعدة أحد الأغيار ثم يغدران به فيقتلانه وكانا قد اغتصبا اخته ويحصلان على التذكار ثم يعودا إلى ديارهما كما الأبطال وسط أقرانهما من الشباب
لم يترك الكاتب النهاية هكذا لكنه انهاها على أمل في بداية ثورة من الأغيار الذين نجحوا في محاصرة سكان يوتوبيا داخلها

هذا ملخص الرواية لكنه كما أسلفت مختصر قاصر مخل بالسياق لكني كنت أود الوقوف أمام بعض عناصرها

سكان يوتوبيا موجودون بيننا الآن وعلى سمعنا وبصرنا وكذا يوتوبيا بأسوارها وحراستها الخاصة ومياهها الخاصة وانعزالها التام

أيضا الاغيار بفقرهم وعجزهم ومكرهم واستسلامهم وتواكلهم ويأسهم وبأسهم والأهم سفسطتهم موجودون وبكثرة

لن يأتي حل بواسطة أنصاف الحلول التي نجيدها الاصلاح من الداخل والتغير المتريث وحكمة الشيوخ فكلها تؤدي إلى استمرار الوضع على ما هو عليه

سيزول البترول هذا أمر حادث لا محالة ومعه سينتهي أثر العرب وتنهار حضارة النفط والمستقبل بلا شك للأحرار

في الحقيقة بعد قرائتي لتلك الرواية لم أستطع تخيل مستقبل آخر لبلادنا طالما ظللنا على ما نحن عليه مترددين خائفين مستسلمين وخصوصا نحن كإخوان

ربما يكون د. أحمد تجاهل الإخوان في روايته وربما قد أشار إليهم كمتدينين وعموما أنا أشركتهم في خيالي فتصورتهم انقسموا أيضا فريقين أحدهما في يوتوبيا يذهب للحج كل عام ويزع بعض الصدقات على الجائعين ويعقدون اجتماعات فيها الكثير من الأكل والقليل من الفكر حول حال الأمة والمستقبل المشرق للإسلام واندحار أعدائه القريب
والقسم الآخر من الأغيار يدعون إلى الصبر والحكمة ويقنتون في كل صلاة على المعتدين الظالمين ويبشرون بالجنة وقصورها ويتحدثون عن التقشف والطاعة والثقة في القيادات والاستعداد ليوم الجهار وتربية النفس والحكمة ومرة أخرى الصبر على البلاء

عموما هذه محض خواطر فلا يؤاخذني أحد على عقلي المريض كما أسلفت أمر بمرحلة فوضى فلا حرج علي

في الحقيقة وجدت الكتابة طالت لذا سأجعل الكلام عن العدد الأخير من فانتازيا مرة أخرى
لكني ألح على الجميع بقراءة الرواية والعدد الأخير إذ ليس من " قرأ عن" كمن " قرأ من "ـ

وأسأل الجميع الدعاء لي ان يعينني الله وييسر لي أمرا أرغبه بشده ويعينني على الصبر عليه