هذه أولى حكايات العمرة التي كنت وعدت بكتابتها علها تزيد من دعائنا اللهم خلصنا مما نحن فيه
المهم
بداية عادية لرحلة انتظرتها طويلا واشتقت إليها كثيرا وتهيأت لها كما لم أتهيأ لرحلة قبلها ... انطلاق عادي فقط متأخر ثلاث ساعات عن الموعد المحدد .. لكن ومن يعترض ؟؟ يحدث في أحسن الأحوال .. أنت في مصر .. ـ
الحقيقة كانت الحافلة على قدر كبير من الراحة لكن ما استفزني أن الشركة التي تعمل أيضا في مجال السياحة الداخلية وتنقل بحافلاتها سائحين أجانب قد غطت جميع المقاعد بغطاء من القماش غير مريح ينزع بعد انتهاء الرحلة لتعود المقاعد خالية من أي أثر من الركاب المصريين قد يضر الشركة ويؤذي سائحيها .. طبعا لا يسأل أحد عن مثل هذه الآثار لكن من لا يعرفها فليتفضل بركوب سيارات النقل العام المكيفة في القاهرة أو السوبر جيت أو حتى عربات القطار المكيفة وسيشعر حتما أن المصريين إما لهم هواية في عدم الصيانة أو أن هوايتهم تكمن في تكسير كل معدات المقعد الموضوعة أمام الجالس مثل مطفئة السجائر وحافظة الأوراق وحامل الطعام
المهم
تجاهلت هذه الإهانة من الشركة وبدأت في الاستمتاع بالسفر على طريقتي الخاصة .. رحت في نوم عميق
واستمرت الرحلة في طريق لا تنقصه المطبات والمقبات على العموم هذه بالطبع لن تعكر صفو ركوب أي مصري إذ أن إحدى الخواص التي يكتسبها الجسم المصري من حياته داخل مصر التكيف في جميع الأوضاع والأشكال الممكنة وغير الممكنة للجلوس في وسائل النقل عموما وتحمل جميع الصدمات بل والتغلب عليها وتجاهلها أي كان عددها أو قوتها
تأخرنا أنا وأخي الصغير لالتقاط بعض الصور فلم نسير وراء باقي الفوج المتجه لدورات المياه
تنبهنا كالعادة متأخرا أننا متأخرين فبدأنا نبحث عن دورة المياه حتى وجدنا أكبر مفاجأة
هذه هي دورة مياه الاستراحة
الحقيقة أنا ترددت لم أعتد على هذا المستوى من الآدمية في المرافق المصرية وخصوصا على الطرق ... قررنا الدخول ومازالت الدهشة تغمرني حتى كدت أن أخرج لأسأل السائق هل تخطينا الحدود أم ماذا ؟؟ طلب الرجل الجالس أمام الباب جنيها لم أعترض بل أعطيته جنيهين يجب أن لا أحرم أخي الصغير من الاستمتاع بهذا المكان النظيف .. طبعا لن أحتاج أن أقول أننا ظللنا داخل المراحيض أكثر من ربع الساعة ... هذه أشياء لا تقال
ما أدهشني أيضا أن عدد الموجودين داخل الدورة لم يكن كثيرا تصور..!! لم يكن هناك من ينتظر أمام المراحيض ولا من ينادي على من بالداخل بل ولا من يقف طوابير أمام الصنابير الأرضية نظيفة هناك صابون في ماكينات الصابون بل والعجيبة الكبرى هناك مجفف بجوار أحواض الوضوء والأعجب أنه يعمل
الحقيقة كدت أن أرسل برقية شكر للسيد الرئيس على اعتنائه لمثل هذا القدر بصحة شعبه العامة
لا تتعجبوا فالمفاجأة كانت أكبر مني يبدو أن اليأس مفيد أحيانا
بدون ذكر بعض التصرفات الغير حضارية لعدد قليل من الناس في تعاملهم مع الصابون والمجفف فإن المعظم كان حضاريا بل وراقيا
خرجت ويوسف نبحث عن باقي الفوج وهكذا دخلنا إلى مبنى الكافتريات حتى لا أطيل في الوصف هي مثل كل الكافتريات المنتشرة على الطرق السريعة في مصر نفس الرائحة والتنظيم الدقيق طبعا والأرض النظيفة جدا لدرجة أنك تستطيع بالكاد أن تري البلاط هكذا عدت إلى رشدي سريعا وتركت كل خزعبلات المفاجئة التي استحوذت على عقلي لكني مازلت متعجبا كيف وجدت مثل هذه الدورة النظيفة في مصر ؟؟؟
لم يدعني مشهد معتاد لمجموعة من الناس المتزاحمين على مكان في طرف الكافتيريا تمتلئ أرضيته ببقايا ماء اقتربت منه لأجد لافتة متهالكة مكتوب عليها دورة مياه رجالي وللأجانب كتب أحدهم بغمس إصبعه في طلاء دان WC لم يدعني هذا المشهد أن أكمل تعجبي هذه دورة مياه مصرية صميمة برائحتها المميزة بالمياه التي تملاء جميع أركانها بالمراحيض المسدودة بطوابير الأبواب والأحواض فقط هي بخمسين قرش ...
لم أستطع التصوير طبعا للاحراج
هذا فرق الآدمية في بلادنا
ليس علينا طبعا أن نفكر لماذا لا تكون كل دورات مياهنا نظيفة ؟؟
ولا لماذا لا تبذل الجهات المسئولة عن مثل هذه المراحيض جهدا أكبر لنظافتها ؟؟؟
طبعا أنا لست معترضا على أن يكون هناك مستويين للنظافة ؟؟ لكن معترض على أن يكون مستوى نظيف والآخر قذر مستوى آدمي والآخر غير حيواني أصلا ... هل يشترط في تعريف الآدمي عندنا أن يكون معه ما يكفي من المال ليثبت نفسه آدميا ؟؟؟؟ ربما
طبعا لن أصف لكم شماتتي في باقي إخوتي اللذين لم يشاهدوا ولم يدخل المكان النظيف واضطروا إلى التعامل مع دورات المياه المصرية ... ههههههه لكنهم قطعا تعلموا
صلينا المغرب والعشاء وانطلقنا دخلنا سيناء ليلا وتوقفنا مرة لصلاة الفجر لتشرق علينا الشمس ونحن بقرب ميناء نويبع لأجد أجمل منظر للجبال شاهدته حقيقة في حياتي
حاولت أن اصوره في هذه الصور لكن ربما لم أستطع أن أنقل بعض جماله
ودخلنا الميناء
ميناء قذر بكل تحمل الكلمة من معاني أيضا غير آدمي كما كل مرافقنا الحكومية
لكن كانت تنتظرني أنا وإسماعيل أكبر مفاجأة
حين تسيطر البيروقراطية ويتحكم الغباء
لكن نؤجل هذه الحلقة لبعد رمضان لأكون أقدر على التعبير بألفاظ مناسبة للموقف