الطريق






هذه الحلقة الثالثة من سلسلة العمرة التي بدأت أدعوا الله أن أنتهي منها

المهم

أين توقفنا ؟؟؟

نعم .. نعم .. العبارة

وما أدراك ما العبارة
لن أطيل الوصف لأني أمل .. فقط هي ذلك الشيء الذي يستخدمه غيرنا ليرتاحوا ونستخدمه نحن لننحشر .. أو لنغرق .. مثل كل سيارات النقل العام المصرية كتلة بشرية تكاد لا ترى شيئا سوى أجسام محشورة كل حسب نباهته في اختيار مكانه وخبرته كذلك .. في مثل هذه الأمكنة يغدو أسفل المنضدة في المطعم مكانا استراتيجيا

طبعا لأنه ليس لي خبرة العبارات ، معتاد فقط على سيارات النقل العام فقد انتقلت بسرعة إلى قاعة كبيرة وحمدت الله أن استطعت أن أحوز مقعدا كنت أنا وبجواري أخي ومرافقنا ذو الخمسين عاما ونيف

بعد حوالي الساعتين من الوقوف قيل أنها للتحميل بدأت السيارة .. أقصد العبارة تتحرك وبعدها بنصف ساعة قمنا بالتناوب للوضوء والصلاة خشية أن نفقد كنزنا الثمين ( مقاعدنا ) . صلينا واقترح علي أخي الذي كان قد تجول في العبارة أن نصعد إلى السطح لجمال المنظر من هناك

وفي عملية نذالة معتادة لرفيقنا الكريم وافقت أن نصعد تاركين له شرف حراسة كراسينا الثمينة .. صعدنا متخطين العشرات من الجثث الملقية في طرقات العبارة الطويلة لنصل بعد عناء إلى السطح

علمنا ونحن نسير أن العبارة بهذه الحالة ليست مزدحمة بدرجة كبيرة إذ أننا في بداية الموسم وأنها في رمضان تحمل ضعف هذا العدد طبعا لم أصدق .. لا يمكن

وصلنا السطح لنجد منظر جميل للبحر شرعت في تصويره ..

بدأنا بإحدى العمليات التي تزيد البأس لدينا . نعد قوارب النجاة والرفاصات لنكتشف أنها مقدر لها أن تحمل ستمائة راكب على الأكثر ولما كانت العبارة تقل ألف راكب على الأقل كان علينا أن نطمئن كثيرا فالناجون من عبارة السلام كانوا يقولون أن القوارب هذه حملت ثلاث أضعاف حمولتها .. إذن العدد كافي على ما يبدو ظلمنا العبارة

التقطنا مجموعة من الصور التذكارية التي توثق متعتنا التي لا غبار عليها .. ولنأكد للحاقدين كم أننا مواطنين سعداء فلا داعي لإشاعات تعكر صفو علاقتنا الحميمة مع حاكمنا المبجل


أنظروا كم نحن سعداء

أربع ساعات هي مدة تحرك السفينة لتصل للجانب الآخر وتستغرق ساعتين لنبدأ بالنزول

الآن نحن في ميناء العقبة أول أرض غير مصرية نطؤها في رحلتنا السعيدة هذي

نحن في الأردن طبعا تلاحظ هذا بسهولة من صورة الملك الكبيرة الموجود في مدخل الميناء وعلى جدران المبنى الإداري .. من السهل أن تعرف أي بلد عربي أنت .. فقط إن كنت تعرف صورة حاكمه أو من يركبه

ظللنا في الميناء قرابة خمس ساعات ريثما نتمكن من إنهاء الإجراءات ـ تفوقوا على مصر بسرعة أدائهم ـ
انطلقنا بعدها بالحافلة ناحية الحدود السعودية ـ ملاحظة لهيئة الطرق طرق الأردن والسعودية أنظف وأفضل وأكثر راحة من الطرق المصرية ـ عموما كان الليل قد ألقى ظلاله كما يقولون وهكذا حاولت النوم لكن لم أستطع فقط اكتشفت المأساة كنا جالسين في الكراسي الأخيرة بالحافلة فوق المحرك الذي يبدو أنه يستخدم للتدفئة أو لطهي الطعام لست خبيرا في استعمالات المحرك لكن فقط أعرف أنه استطاع أن يحيلنا كتلة من العرق المغلي العجيب في الأمر أن أخي راح في سبات عميق وهو الذي لا يستطيع النوم في السيارات كما يدعي

وصلنا مع طلوع الفجر إلى حالة عمار وهي أول مدينة سعودية في الطريق والحقيقة لم نواجه متاعب تذكر في خروجنا من الأردن ودخولنا السعودية يبدوا أن مطر متشائم قليلا إذ نحن هؤلاء نحصل على كل حقوق البغال في العبور بلا مضايقات

في حالة عمار قرر الفوج التوقف ريثما ينام السائق وهكذا توقفنا خمس ساعات أخرى تقريبا حتى أشرقت الشمس لم أفعل فيها سوى أن عرفت جحور النمل في حالة عمار بجوار الرصيف

تحركنا من حالة عمار لنتوقف في خيبر بعدها بأقل من الساعة هؤلاء الناس يقضون نصف رحلتهم في الطريق يبدو أنهم مستمتعون بذلك إذ بمجرد توقف الحافلة الكل يعرف عمله بسرعة تفرد الفرش وتهيئ النار ويوضع كافة أنواع الطعام بداية من اللحم حتى الفول بالزيت الحار ثم طبعا الشاي والقهوة هذه أشياء لا تنسى يبدو أنهم مستمتعون فعلا ..

تركنا خيبر لنتوقف في تبوك صلينا الظهر والعصر ودخلنا أحد المطاعم لنجد الرجل مرتبكا جدا وكأننا قتلة طلبنا منه دجاجة فأدخلنا حجرة داخلية كأننا طلبنا ( قرش بودرة ) المهم غاب قليلا وعاد بصحن كبير قطره تقريبا نصف متر به أرز مخلوط بالبهارات والزبيب تستقر أعلاه دجاجة كاملة .. لا داعي لوصف أدق فالتأمل يحتاج وقت لم أقدر على انتظاره .. ربع ساعة تقريبا كانت كفيلة لنقل الدجاجة إلى داخل بطوننا الكريمة لكنا لم نقدر على نقل الأرز كاملا .. كان الأكل لذيذا جدا ـ من قال أن السعوديين لا يجيدون الطهي ..؟؟ ـ

قمنا مثقلين نقدنا الرجل المرتبك حسابه وإذا به كما اللصوص بطلب منا الخروج من باب خلفي سألته عن السبب مما يخاف ؟؟ .. برعب بالغ أخبرني من رجال الهيئة ـ هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ـ إذ أن الوقت وقت صلاة العصر وعلى الجميع إغلاق أعمالهم ... تعاطفت معه وخرجت كما أرشدني لاعنا في سري كل فهم أحمق لديننا اليسير .. لم إذن جعل الله وقت الصلاة ممتدا ؟؟؟ لست أدري لم ذكروني بأولئك الذين يضربون كلبين يتزاوجان بحجة الحفاظ على الدين في الطرقات ... جهل عافاكم الله منه

رجعنا إلى الحافلة فوجدناهم مازالوا يعدون طعامهم انتظرنا على مضض هؤلاء الناس يسيرون ساعة ويقفون ساعة لن يصلوا اليوم بالتأكيد

خيب ظني السائق بعد ذلك إذ لم يتوقفوا إلا بعد عشر ساعات تقريبا في المدينة المنورة

دخلنا المدينة مع أذان المغرب لنتوجه كما المحرومين إلى المسجد النبوي الشريف أخيرا أنهينا معاناة السفر

شعور جميل وغريب لست أدري كيف أصفه ـ هل يوصف الشعور ؟؟ ـ عموما إن أردت أن تجربه فقط اذهب إلى العمرة بالطريقة البرية ثم انس تصريح الخروج من السجن وفقط ارجع لإحضاره وانطلق بكل سهولة إلى السعودية عبر المواصلات السهلة عندما تصل أنصحك .. أن تتجه إلى المسجد النبوي قبل أن تفعل شيئا آخر .. أذكرك هذه الطرقة سهلة لذا لا تتفلسف من البداية وتحضر التصريح لن تشعر حينها بما شعرت .. هذا فقط إن أردت أن تعرف

ودعنا رفيق معاناتنا وقابلنا أبي لنذهب إلى الفندق وهكذا بدأت أولى مراحل رحلتنا الجميلة


المدينة المنورة

بكل بهائها
ونظافتها
وترتيبها
وسياراتها التي تحترم إشارة المرور
والمسجد النبوي
بنظافته
وتكييفه
وهدوئه
وشرف احتوائه على قبر الرسول
هذا غير
علماءه
والعاملين في الزجر بالمعروف والإرهاب من المنكر
وإغلاقه ليلا
و..........ـ

عموما المدينة بجمالها الذي يحاولون طمسه ... ـ

من هم ؟؟ .. !! ـ

حسنا في المرة القادمة أخبرك

4 comments:

إيمــــان ســعد said...

شوف يا ابراهيم

ربنا يزديك

تفاؤل طبعا

اعتقد ان فترة نصف العمر عندك مش ح تكون طويلة

و اطمن بالنسبة لحالتك ده شئ مطمئن

انك عل ىالاقل لن تحيا فى هذا البؤس طويلا

تحياتي

ايها



الساخر

AN ELAWAN said...

ازيك يا ابراهيم
وحشنى جدا
اسلوبك الحقيقة جميل وبسيط وشوقتنى كتير
للعمرة
وياريت لو تشرف مدونتى المتواضعة
احمد جمعه
www.anelawan.blogspot.com

Anonymous said...

متابعه

تحياتى

Quran Lover

Anonymous said...

لا فرق إذا بينك وبين راكبي الإبل في الماضي يشقون غبار الصحراء شوقا إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم ... على كل حال يكفي أنك عدت دون أن تنام على الرصيف أو أن يخدعك أحد سماسرة الرحلات أو ..... أن تكون مدين بموتك لممدوح إسماعيل